Plan International Australia
القاسم المشترك الوحيد بيننا هو اختلافنا
التعليم الشامل هو عملية جارية ومفتوحة أو لاً وقبل كل شيء
التعليم الشامل هو للجميع. يرتبط التعليم الشامل بوجه عام باحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وبالعلاقة بين تعليموّي الاحتياجات الخاصة والتعليم العادي. ومنذ عام 1990 ، ساهم كفاح الأشخاص ذوي الإعاقة في تشكيل المنظور العالمي للتعليم الشامل، ما أدى إلى الاعتراف بالحق في التعليم الشامل في المادة 24 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006 . ومع ذلك، وكما أقر التعليق العام رقم 4 على المادة في عام 2016 ، فإن التعليم الشامل هو تعليم أوسع نطاقاً. فالآليات ذاتها لا تستثني الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، بل الآخرين أيضاً استناداً إلى نوع الجنس، والعمر، والموقع، والفقر، والعجز، والانتماء العرقي، والأصل، واللغة، والدين، وحالة الهجرة أو النزوح، والميول الجنسية أو التعبير عن الهوية الجنسية، والسَّجن، والمعتقدات، والمواقف. فالنظام والسياق هما اللذان لا يراعيان تنوع الاحتياجات وتعدّدها،وهو ما كشفته الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد- 19 أيضاً. أما المجتمع والثقافة فيحددان القواعد ومجرى الحياة الطبيعية وينظران
إلى الاختلاف بوصفه انحرافاً. وينبغي أن يستعاض عن مفهوم الاحتياجات الخاصة بمفهوم العوائق التي تحول دون المشاركة والتعلّم.
التعليم الشامل هو عملية جارية ومفتوحة. التعليم الشامل هو عملية تساهم في تحقيق هدف الإدماج الاجتماعي. ويقتضي تعريف
التعليم المنصف التمييز بين “المساواة” و”الإنصاف”. فالمساواة هي وضع )ماذا(: أي نتيجة يمكن ملاحظتها في المدخلات أو
المخرجات أو النتائج. أما الإنصاف فهو عملية )كيف(: أي إجراءات تهدف إلى ضمان تحقيق المساواة. ويعتبر تعريف التعليم الشامل
عملية أكثر تعقيداً بسبب الخلط بين العملية والنتائج. ويرى هذا التقرير أن التعليم الشامل هو عملية مفتوحة: أي إجراءات تتبنّى
فكرة التنوّع وتنمّي شعوراً بالانتماء، يضرب جذوره في الاعتقاد بأن كل شخص لديه قيمة وإمكانات، وينبغي احترامه، بغض النظر عن
خلفيته أو قدرته أو هويته. ومع ذلك فإن التعليم الشامل هو وضع أيضاً، أي نتيجة، لم تصل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
والتعليق العام رقم 4 إلى حد وضع تعريف دقيق لها، ويعود ذلك على الأرجح إلى اختلاف وجهات النظر إزاء ما ينبغي أن تكون
عليه النتيجة.
التعليم الشامل بوصفه نتيجة: البداية من التعليم للجميع
لفقر وانعدام المساواة هما من القيود الرئيسية. على الرغم من التقدم المحرز في الحدّ من الفقر المدقع، وخاصة في آسيا، فإن
هذا الفقر يصيب شخصاً واحداً من بين 10 أشخاص بالغين وطفلين من بين 10 أطفال – 5 أطفال من أصل 10 أطفال في أفريقيا
جنوب الصحراء. ويتزايد التفاوت في الدخل في أجزاء من العالم، أو يظل، في حال انخفاضه، مرتفعا بشكل غير مقبول بين البلدان
وفي داخلها. وتتفاوت النتائج الرئيسية للتنمية البشرية. ففي 30 بلداً من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بلغت نسبة الأطفال
دون سن الخامسة الذين ينتمون لأفقر 20 % من الأسر ويعانون من سوء التغذية 41 %، أي ما يعادل أكثر من ضعف معدل الأطفال
المنتمين إلى السكان الأثرياء البالغة نسبتهم 20 %، ما يؤثر سلباً على فرصهم للاستفادة من التعليم.
يشهد التقدم في المشاركة في التعليم حالة من الركود. يقدّر أن عدد الأطفال والمراهقين والشباب غير الملتحقين بالمدارس يبلغ
نحو 258 مليون شخص، أو ما يعادل 17 % من المجموع )الشكل 2(. وتعتبر أوجه التفاوت في معدلات المواظبة على التعليم بحسب
الثروة كبيرة: فمن بين 65 بلداً من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بلغ متوسط الفجوة في معدلات المواظبة بين أفقروأغنى 20 % من الأسر 9 في المائة للأطفال في سن الدراسة الابتدائية، و 13 في المائة للمراهقين في سن المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي، و 27 % للشباب في سن المرحلة العليا من التعليم الثانوي. وبما أن الأشخاص الأشد فقرا هم الأكثر عرضة لتكرار الفصول الدراسية وترك المدرسة مبكرا،ً فإن الفجوات بحسب الثروة تكون أكبر في معدلات إكمال التعليم: إذ تبلغ 30 في المائة لإكمال المرحلة الابتدائية، و 45 في المائة لإكمال المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي، و 40 في المائة لإكمال المرحلة العليا من التعليم الثانوي.
يؤثر الفقر على فرص المواظبة على التعليم والتعلّم وإكمالهما.
في جميع المناطق باستثناء أوروبا وأمريكا الشمالية، ومقابل كل 100 مراهق ينتمون إلى الأسر الغنية التي تبلغ نسبتها 20 %، بلغ عدد المراهقين الذين التحقوا بمدارس المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي 87 مراهقاً ينتمون إلى الأسر الفقيرة التي تبلغ نسبتها 20 %، وبلغ عدد الذين أكملوا تعليمهم في هذه المدارس 37 مراهقاً. وبالنسبة للفئة الأخيرة، من بين كل 100 مراهق من الأسر الغنية التي تبلغ نسبتها 20 %، حقق حوالي 50 منهم الحد الأدنى من الكفاءة في القراءة والرياضيات )الشكل 3(. وفي كثير من الأحيان، تتقاطع الجوانب السلبية. فالفئات التي يُرجح استبعادها من التعليم هي فئات محرومة أيضاً بسبب اللغة والمكان ونوع الجنس والانتماء العرقي. وفي 20 بلداً على الأقل من البلدان التي لديها بيانات، من الصعب أن تكمل أي من الشابات الفقيرات في المناطق الريفية مرحلة التعليم الثانوي.
ربع مليار من الأطفال والمراهقين والشباب غير ملتحقين بالمدارس
هناك أوجه تفاوت كبيرة في المواظبة على التعليم والتعلّم وفي إكمالهما بحسب الثروة
قد تكون نتائج التعليم الشامل بعيدة المنال، لكنها حقيقية وليست وهمية
مع أن حصول الجميع على التعليم هو شرط أساسي للشمول، هناك توافق أقل في الآراء بشأن ما الذي يعنيه توفير التعليم الشامل للمتعلمين المعوّقين والفئات المحرومة الأخرى المعرضة لخطر الاستبعاد.
التعليم الشامل للطلاب ذوي الإعاقة هو أكثر من مجرد التحاقهم بالمدارس. شكّل تركيز اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
على الالتحاق بالمدارس تحولاً حقيقياً ليس فقط عن الاتجاه التاريخي لاستبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم أو فصلهم ووضعهم
في مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة ولكن أيضاً عن الممارسة القائمة على وضعهم في فصول دراسية منفصلة لفترة طويلة أو
لمعظم الوقت. غير أن التعليم الشامل ينطوي على الكثير من التغييرات في الدعم المدرسي والأخلاقيات المدرسية. ومع أن اتفاقية
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لا تعتبر أن المدارس الخاصة تنتهك أحكام الاتفاقية، لكن التقارير الأخيرة الصادرة عن لجنة حقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة تشير بشكل متزايد إلى هذا الاتجاه. وقد أعطت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الحكومات حرية
التصرف في شكل التعليم الشامل، معترفةً بشكل ضمني بالعوائق التي تحول دون الشمول الكامل. وعلى الرغم من ضرورة الكشف
عن الممارسات الاستبعادية التي تقوم بها حكومات كثيرة والتي تتعارض مع التزاماتها تجاه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا
أنه ينبغي أيضاً الاعتراف بالقيود المفروضة على مدى مرونة المدارس والنظم التعليمية العادية.
يخدم التعليم الشامل أهدافاً متعددة. هناك توتر محتمل بين الأهداف المنشودة المتمثلة في زيادة التفاعل مع الآخرين إلى الحد
الأقصى )جميع الأطفال يعيشون تحت سقف واحد( وتحقيق إمكانات التعلّم )حيث يتعلم الطلاب بشكل أفضل(. وتشمل الاعتبارات
الأخرى سرعة تحول النظم نحو النموذج الأمثل وما يحدث أثناء هذا التحوّل، والمقايضة بين التحديد المبكر للاحتياجات ومخاطر
التوصيف والوصم.
قد تكون المساعي المبذولة بشكل متزامن لتحقيق أهداف مختلفة مساع متكاملة أو متعارضة. يواجه واضعو السياسات
والمشرّعون والمعلمون أو المربّون مسائل دقيقة تتعلق بالشمول وخاصة بالسياق. وينبغي أن يكونوا مدركين للمعارضة التي يبديها
الذين عُهد إليهم الحفاظ على تنفيذ عملية الفصل، ولكن أيضاً لعدم إمكانية استدامة التغير السريع، الأمر الذي قد يلحق ضرراً
برفاه الذين يقُصد به خدمتهم. ويمكن أن يؤدي إدماج الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس العادية غير المهيأة أو غير المدعومة أوغير المسؤولة عن تحقيق التعليم الشامل إلى تكثيف التجارب المتعلقة بالاستبعاد وإثارة ردود فعل معاكسة إزاء جعل المدارس والنظم
أكثر شمولاً.
قد يكون للشمول التام جوانب سلبية. قد يؤدي التعليم الشامل في بعض السياقات إلى تكثيف غير متعمد للضغوط الرامية للتقيد
بالمعايير. وقد توضع هويات المجموعات وممارساتها ولغاتها ومعتقداتها في مرتبة أدنى أو يتم تعريضها للخطر أو استئصالها، مما
يقلل من مستوى الشعور بالانتماء. فالاعتراف بحق مجموعة معينة في الحفاظ على ثقافتها وبحقها في تقرير مصيرها وتمثيلها
الذاتي آخذ بالتزايد. وقد يتم التصدي للتعليم الشامل من منطلق التحامل ولكن أيضاً بسبب الاعتراف بأنه لا يمكن الحفاظ على
الهوية وتحقيق التمكين إلا إذا شكلت الأقليات أغلبية السكان في منطقة معينة. وبدلاً من تحقيق المشاركة الاجتماعية الإيجابية، قد
تؤدي سياسات الإدماج أو الشمول في بعض الحالات إلى تفاقم الإقصاء الاجتماعي. وقد تؤدي مواجهة الأغلبية إلى تعزيز الأفكار
المسبقة السائدة، الأمر الذي يفاقم الحرمان الذي تعاني منه الأقليات. وقد يسفر استهداف المساعدة أيضا عن الوصم أو التوصيف
أو عن أشكال غير مرغوبة من الشمول.
تتطلب تسوية المعضلات مشاركة هادفة. يجب أن يقوم التعليم الشامل على الحوار والمشاركة والانفتاح. ومع أنه يتعين على واضعي
السياسات والمربين أو المعلمين عدم التنازل عن النموذج الأمثل للتعليم الشامل أو اجتزائه أو الانحراف عنه على المدى الطويل،
إلا أنه لا ينبغي لهم التغاضي عن احتياجات الأشخاص المتضررين وتفضيلاتهم. وتوفر حقوق الإنسان والمبادئ الأساسية توجيهات
أخلاقية وسياسية للقرارات المتعلقة بالتعليم، بيد أن تحقيق النموذج الأمثل للتعليم الشامل ليس بالأمر السهل. ويتطلب تقديم الدعم
الكافي والمتميز والمحدد المثابرة والمرونة واتباع منظور طويل الأجل. فالابتعاد عن تصميم نظام تعليمي يناسب بعض الأطفال
ويلُزم الآخرين بالتكيّف معه لا يمكن أن يحدث بسهولة بموجب مرسوم. ولا بد من مواجهة المواقف والعقليات السائدة. وقد يتبين
أن التعليم الشامل عملية مستعصية، حتى في ظل وجود أفضل الرغبات وأعلى درجات الالتزام. وبناء على ذلك، يذهب البعض إلى
ضرورة الحد من الطموح فيما يتعلق بالتعليم الشامل، لكن السبيل الوحيد للمضي قدماً يتمثل في الاعتراف بالحواجز وتفكيكها.
يحقق التعليم الشامل فوائد. يمكن أن يحقق التخطيط الدقيق وتوفير التعليم الشامل تحسناً في مجال التحصيل الأكاديمي، والتطور
الاجتماعي والعاطفي، واحترام الذات، والقبول من الزملاء. وقد يؤدي إدماج طلاب مختلفين في قاعات الدرس والمدارس العادية
إلى منع الوصم والقوالب النمطية والتمييز والاغتراب. وهناك أيضا وفورات محتملة على صعيد الكفاءة من خلال إزالة الهياكل
التعليمية الموازية واستخدام الموارد بفعالية أكبر في إطار نظام تعليم عادي شامل واحد. ومع ذلك، فإن التبرير الاقتصادي للتعليم
الشامل، على أهميته بالنسبة للتخطيط، ليس كافياً. وهناك عدد قليل من النظم التي تقترب من النموذج الأمثل بما فيه الكفاية
للسماح بتقدير التكلفة الكاملة، علماً بأن من الصعب قياس قيمة الفوائد لأن تاريخها يمتد إلى أجيال كثيرة.
يعدّ التعليم الشامل ضرورة أخلاقية. إن مناقشة الفوائد المترتبة على التعليم الشامل هي أقرب إلى مناقشة فوائد حقوق الإنسان.
فالتعليم الشامل هو شرط أساسي لقيام مجتمعات مستدامة. وهو شرط أساسي للتعليم في جوّ من الديمقراطية القائمة على
الإنصاف والعدالة والمساواة ولصالحها. وهو يطرح إطارا منهجيا يهدف إلى إزالة الحواجز وفقا للمبدأ القائل بأن «كل متعلم مهم
ومتساوٍ مع غيره من حيث الأهمية ». كما أنه يتصدى لاتجاهات نظم التعليم التي تسمح بالاستثناءات والاستبعاد، أسوةً بما يحدث
حين يتم تقييم المدارس وفقاً لبعدٍ واحد وحين يكون تخصيص الموارد مرتبطاً بأدائها.
يحسّن التعليم الشامل تعلّم جميع الطلاب. في السنوات الأخيرة، استرعت رواية عن أزمة التعلمّ انتباه غالبية الأطفال في سن
الدراسة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي لم تحقق الحد الأدنى من الكفاءة في المهارات الأساسية. ومع ذلك، فقد
تتجاهل هذه الرواية أوجه القصور التي تشوب نظم التعليم في البلدان الأكثر تخلفاً عن الركب، المتمثل في الاستبعاد ومحاباة
النخبة واللامساواة. وليس من قبيل المصادفة أن يحثّ هدف التنمية المستدامة 4 البلدان بشكل صريح على ضمان التعليم الشامل.
فالحلول الآلية التي لا تتصدى للعوائق العميقة التي تقف في وجه الاستبعاد لا يمكنها السير بعيداً في تحسين نتائج التعلم. ويجب أن
يكون الشمول الأساس الذي تستند إليه النهج المتبعة في التعليم والتعلّم.
القوانين والسياسات
تعبّر الصكوك القانونية الملزمة والإعلانات غير الملزمة عن التطلعات الدولية إلى الشمول. دعت اتفاقية اليونسكو
لعام 1960 بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم والإعلان العالمي لتوفير التعليم للجميع لعام 1990 ، الذي اعتمُد في جومتيان،
تايلاند، البلدان إلى اتخاذ تدابير لضمان “المساواة في المعاملة في مجال التعليم” وعدم “التمييز في الحصول على فرص التعلّم”
لدى “الفئات المحرومة”. وطرح بيان سلامنكا وإطار سلامنكا للعمل لعام 1994 ، اللذان اعتمدا في سلامنكا بإسبانيا، المبدأ الذي
يقضي بضرورة أن يكون جميع الأطفال في “المدرسة التي سيلتحقون بها إذا لم يكن الطفل يعاني من إعاقة”، وهو ما أُقرّ باعتباره
حقاً في عام 2006 . وقد أثرت هذه النصوص في القوانين والسياسات الوطنية التي يتوقف عليها التقدم نحو الشمول.
تميل التعاريف الوطنية للتعليم الشامل إلى اعتماد نطاق أوسع. يوضح تحليل هذا التقرير أن نسبة 68 % من البلدان تعرّف التعليم
الشامل في القوانين أو السياسات أو الخطط أو الاستراتيجيات. وتتوفر لدى 57 % من البلدان تعاريف تغطي جميع الفئات المهمشة.
وفي 17 % من البلدان، يشمل تعريف التعليم الشامل حصراً الأشخاص المعوّقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
تميل القوانين إلى استهداف فئات محددة معرضة لخطر الاستبعاد في مجال التعليم. تفتقر القوانين الوطنية إلى حد كبير للرؤية
الواسعة المتمثلة بإدماج جميع المتعلمين في التعليم. وليس هناك إلا 10 % من البلدان التي أدرجت أحكاماً شاملة لجميع المتعلمين
في قوانين التعليم العام أو الشامل. وبشكل أعمّ، فإن التشريعات التي صدرت في وزارات التعليم تتعلق بفئات محددة. ومن بين جميع
البلدان، بلغت نسبة البلدان التي لديها قوانين تشير إلى تعليم الأشخاص المعوّقين 79 %، والأقليات اللغوية 60 %، والمساواة بين
الجنسين 50 %، والمجموعات العرقية ومجموعات السكان الأصليين 49 %.
تنزع السياسات إلى أن يكون لديها رؤية أوسع للتعليم الشامل. يوجد لدى زهاء 17 % من البلدان سياسات تتضمن أحكاماً شاملة
تتعلق بجميع المتعلمين. وتكون النزعة أقوى في النصوص الأقل إلزاماً، حيث أعلنت 75 % من خطط واستراتيجيات التعليم الوطنية
عن نية لإدماج جميع الفئات المحرومة. ولدى حوالي 67 % من البلدان سياسات تتعلق بإدماج المتعلمين ذوي الإعاقة، بحيث توزّع
مسؤولية هذه السياسات بالتساوي تقريبا بين وزارات التعليم وغيرها من الوزارات الأخرى.
تختلف القوانين والسياسات بشأن ما إذا كان وجود الطلاب ذوي الإعاقة في المدارس العادية ضرورياً. تقضي القوانين في 25 % من
البلدان بالتعليم في أماكن منفصلة، وتتجاوز هذه النسبة 40 % في آسيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي. ويفرض زهاء 10 % من البلدان
التكامل وينادي 17 % منها بالشمول، فيما تفضل النسبة المتبقية الجمع بين الفصل والتعميم. وقد تحوّلت السياسات لتكون أقرب
إلى الشمول: حيث يوجد لدى 5% من البلدان أحكام سياساتية تنص على التعليم في أماكن منفصلة، فيما تبدي 12 % منها تفضيلاً
للتكامل، و 38 % للشمول. وعلى الرغم من النوايا الحسنة المكرّسة في القوانين والسياسات، فإن الحكومات لا تضمن التنفيذ في
أغلب الأحيان.
يتعين أن تكون السياسات متسقة ومتماسكة عبر الفئات العمرية ومستويات التعليم. يفتقر الحصول على الرعاية والتعليم في مرحلة
الطفولة المبكرة إلى الإنصاف بدرجة كبيرة، ويكون مشروطا بالمكان والحالة الاجتماعية والاقتصادية. وتمثل جودة التعليم، ولا سيّما
التفاعل والإدماج والتعليم المتمحور حول الطفل والمستند إلى اللعب، عناصر تؤثر في تحقيق التعليم الشامل. ويعتبر التحديد المبكر
لاحتياجات الأطفال أمراً حاسم الأهمية في تصميم الاستجابات الصحيحة، علماً بأن التسميات التي تعبر عن الاختلاف تحت
مُسمّى الشمول قد تكون خاطئة. وقد يدل التوزيع غير المتناسب لبعض الفئات المهمشة ضمن فئات ذوي الاحتياجات الخاصة على
إجراءات تمييزية، كما تظهر الطعون القانونية الناجحة حيال حق طلاب الغجر )الروما( في التعليم.
يقتضي منع الانقطاع المبكّر عن الدراسة وضع سياسات على جبهات متعددة. تواجه نظم التعليم معضلة. ويبدو أن الرسوب يزيد من
نسبة التسرب من المدرسة، مع العلم أن الترفيع الآلي يتطلب اتبّاع نهج منظمة من أجل الدعم المدرسي، وهي نظم ينادي بها عدد
كبير من البلدان لكنه يعجز عن تنفيذها. وقد لا تنسجم القوانين والسياسات مع مسألة الشمول، على سبيل المثال في البلدان ذات
العتبات العمرية المنخفضة في ما يتعلق بعمالة الأطفال أو الزواج. وتعد بنغلاديش من بين البلدان القليلة التي تستثمر موارد ضخمة
في برامج “الفرصة الثانية”، التي لا غنى عنها لتحقيق هدف التنمية المستدامة 4.
تسعى الحكومات جاهدةً لجعل سياسات التعليم ما بعد الإلزامي وتعليم الكبار أكثر شمولاً. يمكن أن يسهل التعليم التقني والمهني
إدماج الفئات الضعيفة في سوق العمل، ولا سيما الشابات والأشخاص ذوي الإعاقة. ويتطلب تحرير إمكاناته جعل بيئات التعلمّ أكثر
أماناً وسهلة المنال، كما هو الحال في ملاوي. وتميل التدخلات في مجال التعليم العالي الموجهة نحو الشمول إلى التركيز على
تشجيع وصول الفئات المحرومة إليه من خلال نظام الحصص أو التدابير المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف. ومع ذلك، فلدىفقط من أصل 71 بلداً استراتيجيات شاملة للإنصاف؛ وهناك نسبة أخرى قدرها 11 % فقط وضعت نُهُجاً لفئات معينة. ويمثل
الشمول الرقمي، وخاصةً للمسنين، تحدياً كبيراً تواجهه البلدان التي تعتمد بشكل متزايد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
لم تول الإجراءات التي اتُخذت للتصدي للأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد- 19 ، التي تأثر بها 1.6 مليار متعلم، اهتماماً كافياً لمسألة
شمول جميع المتعلمين. فقد اعتمدت نسبة 55 % من البلدان المنخفضة الدخل أسلوب التعلم عن بعد عبر الإنترنت في التعليم
الابتدائي والثانوي، بينما لا يملك سوى 12 % من الأسر المعيشية في أقل البلدان نمواً اتصالاً بشبكة الإنترنت في المنزل. ولا يمكن
حتى للنهوج القليلة الاعتماد على التكنولوجيا أن تكفل استمرارية التعلم. فلا يملك سوى 7% من بين أفقر 20 % من الأسر المعيشية
في إثيوبيا مذياعا،ً ولا يملك أي منها تلفازا،ً على سبيل المثال. وبوجه عام، لم يدعم زهاء 40 % من البلدان المنخفضة الدخل
والشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل المتعلمين المعرضين لخطر الاستبعاد. وفقد ما يصل إلى 8% من الطلاب في فرنسا
الاتصال بالمعلمين بعد ثلاثة أسابيع من إغلاق المدارس.
البيانات
تعد البيانات المتعلقة بالتعليم الشامل ولصالحه ضرورية. يمكن للبيانات المتعلقة بالتعليم الشامل أن تسلّط الضوء على الثغرات
التي تتخلل فرص التعليم ونتائجها بين فئات المتعلمين، وتحديد الأشخاص المعرضين لخطر التخلف عن الركب وشدة العوائق التي
يواجهونها. وباستخدام هذه المعلومات، تستطيع الحكومات أن تضع سياسات تتعلق بالتعليم الشامل وتجمع المزيد من البيانات عن
التنفيذ وعن النتائج النوعية التي تزداد صعوبة ملاحظتها.
قد تكون صياغة الأسئلة المناسبة عن الخصائص المرتبطة بالضعف مهمة صعبة. إن البيانات المتعلقة بالتباين في التعليم على
مستوى السكان، التي تجُمع من خلال تعدادات السكان والاستقصاءات، ترفع من درجة وعي وزارات التعليم بأوجه التباين. ومع ذلك،
ووفقاً لصياغتها، يمكن للأسئلة المتعلقة بخصائص من قبيل الجنسية والانتماء العرقي والدين والميل الجنسي والتعبير عن الهوية
الجنسية أن تتطرق إلى الهويات الشخصية الحساسة وأن تحمل طابع التطفّل وأن تثير المخاوف من الاضطهاد.
شهدت صياغة الأسئلة المتعلقة بالإعاقة تحسناً. شكّل الاتفاق على اعتماد مقياس صحيح للإعاقة عملية طويلة. وقد اقترح
فريق واشنطن المعني بإحصاءات الإعاقة التابع للجنة الإحصائية للأمم المتحدة مجموعة قصيرة ومختصرة من الأسئلة المتعقة
بالتعدادات السكانية أو الاستقصاءات في عام 2006 ، شملت مجالات وأنشطة وظيفية حاسمة الأهمية للكبار. وأُنشئت فيما بعد
وحدة خاصة بالطفل بالتعاون مع اليونيسف. وتسهم هذه الأسئلة في مواءمة إحصاءات الإعاقة مع النموذج الاجتماعي للإعاقة
وتوجد حلولاً للمشاكل الخطيرة المتعلقة بإمكانية المقارنة. أما معدل اعتمادها فيرتفع ولكن ببطء.
تتسم الأدلة الناشئة بشأن الإعاقة بجودة عالية مع أنها لا تزال متفرقة. أظهر تحليل تناول 14 بلداً شاركت في الاستقصاءات
الجامعة المتعددة المؤشرات في الفترة 2017 – 2019 ، واستخُدمت فيها الوحدة الخاصة بالطفل الأوسع نطاقا،ً انتشارا لحالات الإعاقة
بنسبة 12 %، تراوحت بين 6% و 24 %، نتيجة ارتفاع معدلات مشاعر القلق والاكتئاب. وفي هذه البلدان، استأثر الأطفال والمراهقون
والشباب ذوو الإعاقة بنسبة 15 % من غير الملتحقين بالمدارس. وبالنسبة إلى زملائهم في سن التعليم الابتدائي والمرحلة الدنيا من
التعليم الثانوي والمرحلة العليا من التعليم الثانوي، من الأرجح أن تكون نسب الطلاب ذوي الإعاقة خارج المدرسة 1 و 4 و 6 في المائة،
على التوالي، ونسب ذوي الإعاقة الحسية أو الجسدية أو الذهنية 4 و 7 و 11 في المائة.
طرح بعض الاستقصاءات المدرسية رؤى أعمق فيما يتعلق بالشمول. في إطار برنامج التقييم الدولي للطلاب لعام 2018 ، أعرب
واحد من بين خمسة طلاب في سن الخامسة عشرة عن شعورهم بأنهم غرباء في المدرسة، لكن النسبة تجاوزت 30 % في بروني دار
السلام والجمهورية الدومينيكية والولايات المتحدة. وفي جميع نظم التعليم المشاركة في البرنامج، كان شعور الطلاب ذوي الوضع
الاجتماعي والاقتصادي بحس بالانتماء أقل احتمالاً. ويمكن الاستفادة من البيانات الإدارية لجمع الأدلة النوعية على الشمول. وتقوم
نيوزيلندا برصد المؤشرات الأولية بصورة منتظمة على المستوى الوطني، بما في ذلك بشأن ما إذا كان الطلاب يشعرون بالرعاية
والسلامة والأمان، وبشأن قدرتهم على إقامة علاقات إيجابية والحفاظ عليها، واحترام احتياجات الآخرين، وإبداء التعاطف.
وفي ما يقرب من نصف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا تجُمع أي بيانات إدارية عن الطلاب ذوي الإعاقة.
تظهر البيانات المواقع التي لا يزال الفصل فيها جارياً. أدى تغيير السياسة في البرازيل إلى زيادة نسبة الطلاب ذوي الإعاقة في
المدارس العادية من 23 % في عام 2003 إلى 81 % في عام 2015 . وفي آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، التحق قرابة 80 % من الأطفال
ذوي الإعاقة بالمدارس العادية، وذلك من 3% في قيرغيزستان إلى 100 % في تيمور الشرقية وتايلاند. وتوفر البيانات المتفرقةسجلاً للمدارس التي تلبي احتياجات فئات معينة، مثل الفتيات والأقليات اللغوية والمجموعات الدينية. غير أن الغموض يكتنف
مدى مساهمتها في التعليم الشامل: ففي استطاعة مدارس السكان الأصليين، على سبيل المثال، توفير بيئة تُحترم فيها التقاليد
والثقافات والخبرات، مع أن بإمكانها أيضاً إطالة مدة التهميش. وتُظهر الاستقصاءات المدرسية من قبيل برنامج التقييم الدولي
للطلاب مستويات عالية من الفصل الاجتماعي والاقتصادي في بلدان تشمل شيلي والمكسيك، حيث يطلب نصف عدد الطلاب
نقلهم إلى مدارس أخرى لتحقيق مزيج اجتماعي واقتصادي متجانس. ولم يشهد هذا النوع من الفصل في المدارس خلال الفترة
2015-2000 تغيرأ يذكر.
قد يكون تحديد الاحتياجات التعليمية الخاصة أمراً مثيراً للجدل. قد يفيد التحديد في إطلاع المعلمين على احتياجات الطلاب
لكي يتمكنوا من استهداف عمليات الدعم والسكن. ومع ذلك، يمكن أن يحوّل الزملاء والمعلمين والإداريين الأطفال إلى مجرد
تصنيفات، مما قد يولّد سلوكيات نمطية تجاه الطلاب االذين تم تصنيفهم ويشجع على اتباع نهج طبي. فقد شرّعت البرتغال مؤخراً
نهجاً عاماً لتحديد الاحتياجات الخاصة. ويمكن للتوقعات الضعيفة الناتجة عن التصنيف، من قبيل وجود صعوبات في التعلم، أن
تصبح ذاتية التحقق. وفي أوروبا، تراوحت نسبة الطلاب الذين صنفوا ضمن ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة بين 1% في السويد
و 20 % في اسكتلندا. وقد شكلت صعوبات التعلّم أوسع فئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في الولايات المتحدة علماً بأنها ليست
معروفة في اليابان. ويمكن بصورة أساسية تفسير هذا التباين بواسطة الاختلافات في كيفية قيام البلدان بإنشاء هذه الفئة من فئات
التعليم: ذلك أن متطلبات المؤسسات والتمويل والتدريب تختلف، وكذلك آثار السياسات العامة.
الحوكمة والتمويل
لا تقع مسؤولية ضمان التعليم الشامل على عاتق الجهات الفاعلة في السياسة التعليمية وحدها. يمكن أن يؤدي تكامل الخدمات
إلى تحسين الطريقة التي يُنظر بها إلى احتياجات الأطفال، وكذلك إلى جودة الخدمات وفعاليتها من حيث التكلفة. وقد يتحقق
التكامل عندما يقوم أحد مقدمي الخدمات بدور الجهة المرجعية للوصول إلى مقدّم خدمات آخر. وقد بيّن مسح عن توفير التعليم
الشامل في 18 بلدا أوروبيا،ً معظمه بالنسبة إلى الطلاب ذوي الإعاقة، أن وزارات التعليم هي المسؤولة عن المعلمين وإدارة المدارس
ومواد التعليم؛ وأن وزارات الصحة مسؤولة عن خدمات الفحص والتقييم وإعادة التأهيل؛ وأن وزارات الحماية الاجتماعية مسؤولة
عن المساعدت المالية.
لا يضمن تقاسم المسؤوليات التعاضد والتعاون والتنسيق الأفقي. تعيق القواعد والتقاليد العميقة الجذور وثقافات العمل
البيروقراطية التحوّل السلس عن الأشكال المنغلقة لتقديم الخدمات. وقد يشكل انعدام الموارد الكافية أحد العوامل أيضاً: ففي
كينيا، كان لدى ثلث مراكز موارد التقييم التعليمي على مستوى المقاطعة، التي أنشئت لزيادة فرص حصول الأطفال ذوي الإعاقة
على التعليم، مسؤولٌ واحد بدلاً من الأفرقة المتعددة التخصصات التي تم اقتراحها. وثمة حاجة إلى وجود معايير محددة بوضوح
وقابلة للقياس لتحديد المسؤوليات. وقد وضعت رواندا معايير تمكّن المفتشين من تقييم إمكانية الشمول في الصفوف المدرسية.
وفي الأردن، استخدمت جهات فاعلة مختلفة معايير منفصلة لترخيص مراكز تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة واعتمادها؛ وسوف
تتصدى لهذه المسألة الاستراتيجية الجديدة لفترة العشر سنوات.
ثمة حاجة إلى وجود تكامل عمودي بين المستويات الحكومية ودعم الحكومة المحلية. يجب على الحكومات المركزية أن تمول
الالتزامات التي تتعهد بها تجاه الحكومات المحلية تمويلاً كاملاً وأن تنمي قدراتها. فالإصلاح الذي أجرته جمهورية مولدوفا الرامي
إلى إخراج الأطفال من المدارس الداخلية الحكومية بمعظمها قد تعثر بسبب عدم تحويل الوفورات إلى المؤسسات الحكومية
المحلية والمدارس التي تستوعب الأطفال. وفي نيبال، أظهر كلّ من تقييم منتصف المدة لبرنامج القطاع المدرسي وحلقة العمل
الأولى للتعليم الشامل أنه على الرغم من تغيير بعض الوظائف الحكومية المركزية كجزء من تطبيق اللامركزية، فإن قدرة الحكومة
المحلية على دعم تقديم الخدمات التعليمية كانت ضعيفة.
تؤدي ثلاثة حوافز للتمويل دوراً هاماً في تحقيق الإنصاف والشمول في التعليم. أولاً، قد تعوّض الحكومات أو لا تعوّض عن الجوانب
السلبية النسبية في تخصيص الموارد للسلطات المحلية أو المدارس من خلال المنح المقدمة للأفراد. فحكومة الأرجنتين الفدرالية
تخصص منحاً إجمالية لحكومات المقاطعات، مع أخذ سكان المناطق الريفية والمجموعات غير الملتحقة بالمدارس في الاعتبار.
وتشترك المقاطعات في تمويل التعليم معتمدة على إيراداتها، التي تتفاوت مستوياتها إلى حد كبير، مما يسهم في انعدام المساواة.
ثانيا،ً يمكن أن تستهدف سياسات وبرامج تمويل التعليم الطلاب وأسرهم على شكل نقود )مثل المنح الدراسية( وإعفاءات من الدفع
)مثل الرسوم المدرسية(. ويوجد لدى بلد واحد تقريباً من كل أربعة بلدان برامج عمل إيجابية للحصول على التعليم العالي. ثالثاً،يمكن أن يكون لسياسات وبرامج التمويل غير الخاصة بالتعليم تأثير كبير على التعليم. فقد حققت التحويلات النقدية المشروطة في
أمريكا اللاتينية على المدى الطويل زيادة في التحصيل الدراسي لمدة تتراوح بين 0.5 و 1.5 سنة.
يتطلب تمويل التعليم الشامل لذوي الإعاقة تركيزاً إضافياً. يوصى باتباع نهج ذي شقين للتمويل، يستكمل الآليات العامة والبرامج
المستهدفة. ويتعين على صانعي السياسات تحديد معايير بشأن توفير الخدمات المزمع تقديمها وتغطية تكاليفها. وعليهم مواجهة
التحدي المتمثل في زيادة التكاليف الناجمة عن ارتفاع معدلات تحديد الاحتياجات الخاصة، وتصميم طرقٍ لتحديد الأولويات
المتعلقة بالخدمات المستهدفة لمجموعة واسعة من الاحتياجات وتمويلها وتقديمها. كما يتعين عليهم تحديد النتائج بطريقة تكفل
مواصلة الضغط على السلطات والمدارس المحلية لتجنب المزيد من تخصيص الخدمات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
المشخصة، وزيادة أماكن الفصل على حساب فئات أخرى أو احتياجات تمويلية عامة. والمعروف أن فنلندا آخذة في التحول
بهذا الاتجاه.
تفتقر حتى الدول الغنية إلى المعلومات عن تمويل تعليم الطلاب ذوي الإعاقة. بيّن أحد المشاريع المتعلقة بتخطيط تمويل التعليم
الشامل الذي تقوم به البلدان الأوروبية أن 5 بلدان فقط من بين 18 بلداً لديها معلومات ذات صلة بالموضوع. وليس هناك من آلية
مثلى للتمويل، لأن البلدان تختلف من حيث تاريخ التعليم الشامل وفهمه ومستويات التحوّل إلى اللامركزية. وقليلة هي البلدان التي
تبتعد عن عوامل الترجيح المتعددة )مثلاً، نوع الإعاقة(، التي يمكن أن تؤدي إلى تضخيم أعداد الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة،
وتتحول إلى صيغة تمويل بسيطة للمدارس العادية. ويعمل عدد كبير منها على تعزيز الشبكات من أجل تبادل الموارد، والمرافق،
وفرص تنمية القدرات.
كثيراً ما تكافح البلدان الفقيرة لتمويل التحول من تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة إلى التعليم الشامل. قامت بعض البدان بزيادة
حجم ميزانياتها من أجل تحسين إدماج الطلاب ذوي الإعاقة في التعليم. وقد تضاعفت منحة الفرد الواحد السنوية في ميزانية
موريشيوس للفترة 2018 – 2019 أربع مرات من أجل الوسائل التعليمية والمرافق العمومية والأثاث والمعدات الخاصة بالطلاب ذوي
الاحتياجات الخاصة.
المناهج الدراسية والكتب المدرسية والتقييمات
يمكن أن تعزز خيارات المناهج الدراسية المجتمع الشامل والديمقراطي أو تعرقله. يتعين على المناهج الدراسية أن تُطمئن جميع
الفئات المعرضة لخطر الاستبعاد بأنها أساسية لمشروع التعليم، سواء من حيث المحتوى أو التطبيق. فاعتماد مناهج مختلفة ذات
معايير مختلفة لبعض الفئات قد يعرقل الشمول ويولّد الوصم. غير أن العديد من البلدان لا يزال يقوم بتدريس الطلاب ذوي الإعاقة
باعتماد منهج دراسي خاص، ولا يقدّم إلى اللاجئين سوى المناهج الدراسية المعتمدة في موطنهم لتشجيعهم على العودة إلى أرض
الوطن، ويميل إلى دفع ذوي التحصيل العلمي المنخفض إلى اتخاذ مسارات تعليمية بطيئة. وتنشأ التحديات في سياقات عدة:
السكان المشردون داخلياً في البوسنة والهرسك؛ وقضايا المساواة بين الجنسين في بيرو؛ والأقليات اللغوية في تايلاند؛ واللاجئون
البورونديون والكونغوليون في جمهورية تنزانيا المتحدة؛ والسكان الأصليون في كندا. وفي أوروبا، لم يتناول 23 من أصل 49 بلداً
مسألة الميل الجنسي والتعبير عن الهوية الجنسية بشكل صريح.
يجب أن تكون المناهج الدراسية الشاملة ملائمة ومرنة ومراعية للاحتياجات. أبرزت الأدلة المستقاة من التقييمات التي أجريت
في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء ثغرات كبيرة بين أهداف المناهج الدراسية ونتائج التعلّم. فحين تلبي المناهج الدراسية
احتياجات الطلاب الأكثر تميزاً وأنواعاً معينة من المعرفة، تنشأ حالة من عدم المساواة في التطبيق بين المناطق الريفية والحضرية،
وفق ما أظهرته دراسة تناولت منهج الرياضيات في المدارس الابتدائية في أوغندا. ويعتبر التعلمّ باللغة الأم أمرا جوهريا،ً وخاصة
في المدارس الابتدائية، من أجل تجنب ظهور ثغرات معرفية وزيادة سرعة التعلمّ والفهم. وفي ولاية أوديشا في الهند، شمل التعليم
المتعدد اللغات حوالي 1500 مدرسة ابتدائية و 21 لغة قبلية من لغات التدريس. ولا يعترف سوى 41 بلداً فقط في جميع أنحاء العالم
بلغة الإشارة كلغة رسمية، من بينها 21 بلدا في الاتحاد الأوروبي. وفي أستراليا، يتلقى 19 % من الطلاب مناهج دراسية مُعدّلة. وينبغي
ألّ تفضي المناهج الدراسية إلى طريق مسدود في التعليم بل يجب أن توفر مسارات لفرص التعليم المستمر.
يمكن أن تسهم الكتب المدرسية في إدامة القوالب النمطية. يعتمد تمثيل الأقليات العرقية واللغوية والدينية والسكان الأصليين في
الكتب المدرسية إلى حد بعيد على السياق التاريخي والوطني. ومن بين العوامل التي تؤثر على طريقة معاملة البلدان للأقليات وجود
السكان الأصليين؛ والهيمنة الديمغرافية أو السياسية أو الاقتصادية لمجموعة عرقية واحدة أو أكثر؛ وتاريخ الفصل العنصري أوالنزاعات؛ والتصور المفاهيمي للمواطنة؛ ودور الهجرة. وقد تعترف الكتب المدرسية بمجموعات الأقليات بطرق كفيلة بتخفيف أو
تعاظم درجة تصورها لها، أو تصورها لنفسها على أنها «مختلفة ». ومن شأن الصور والأوصاف غير المناسبة التي تربط خصائص
معينة بمجموعات سكانية معينة أن تدفع الطلاب المنتمين إلى خلفيات غير مهيمنة إلى الشعور بعدم التقدير والتضليل وإساءة الفهم
والإحباط والعزل. وفي كثير من البلدان، تعطى غالبا صورة خاطئة ونمطية عن الإناث. وقد بلغت نسبة الإناث في نصوص وصور
الكتب المدرسية باللغة الإنجليزية في المرحلة العليا من التعليم الثانوي 44 % في إندونيسيا، و 37 % في بنغلاديش، و 24 % في مقاطعة
البنجاب، باكستان. وكانت المرأة تمثّل في مهن متواضعة وتعتبر انطوائية.
تشكل التقييمات العالية الجودة جزءاً أساسياً من نظام التعليم الشامل. تُنظَّم التقييمات في كثير من الأحيان بشكل ضيق دون وجه
حق، وتحدّد القبول في مدارس معينة أو الالتحاق بمسارات دراسية منفصلة، وتبعث بإشارات متضاربة عن مدى التزام الحكومة
بالشمول. وتنزع التقييمات الختامية الوطنية الواسعة النطاق، على سبيل المثال، إلى استبعاد الطلاب ذوي الإعاقة أو الذين يعانون
من صعوبات في التعلم. وينبغي أن يركّز التقييم على المهام المنوطة بالطلاب: كيف يتعاملون معها، وأيّ منها يصعب تحقيقه، وكيف
يمكن تكييف بعض الجوانب لتحقيق النجاح. فتحويل الاهتمام من التقييمات الختامية عالية المخاطر في نهاية الدورة التعليمية إلى
تقييمات تكوينية منخفضة المخاطر عبر مسار التعليم يعزز الجهود المبذولة لجعل التقييم ملائماً لأغراض التعليم الشامل. وتعتبر
تسهيلات الاختبارات جوهرية، ولكن مفعولها أصبح محل تشكيك لأنها على ما يبدو تؤقلم الطلاب وفقاً لنموذج معين. وينبغي أن
ينصبّ التركيز بدلاً من ذلك على الطريقة التي تمكّن التقييم من دعم الطلاب ذوي الإعاقات في إثبات تعلّمهم. وفي سبعة من بلدان
أفريقيا جنوب الصحراء لم يكن لدى أي من المعلمين أدنى معرفة بتقييم الطلاب.
ثمة عوامل مختلفة يجب مواءمتها لإصلاح المناهج والكتب المدرسية والتقييمات المتعلقة بالتعليم الشامل. ينبغي تطوير
القدرات لكي يتمكن أصحاب المصلحة من العمل على أساس تعاوني والتفكير بطريقة استراتيجية. ويتعين أن تكون الشراكات قائمة
لتمكين جميع الأطراف من ممارسة العملية والعمل من أجل تحقيق الأهداف نفسها. وتستوجب المحاولات الناجحة لإضفاء الطابع
الشمولي على المناهج والكتب المدرسية والتقييمات القيام بعمليات تشاركية إبان مراحل التصميم والتطوير والتنفيذ.
المعلمون والعاملون في مجال دعم التعليم
في إطار التعليم الشامل، ينبغي أن يكون جميع المعلمين على استعداد لتدريس جميع الطلاب. يتعذّر تحقيق الشمول ما لم يكن
المعلمون من العوامل الفاعلة في تحقيق التغيير، ومسلّحين بالقيم والمعرفة والمواقف التي تتيح لكل طالب إمكانية النجاح. وغالباً
ما تخلط المواقف التي يتخذها المعلمون بين الالتزام بمبدأ الشمول والشكوك حول استعدادهم ومدى استعداد النظام التعليمي
لدعمهم. وقد لا يكون المعلمون محصّنين ضد أوجه التحامل والمواقف النمطية الاجتماعية. فالتدريس الشامل يشترط بأن يكون
المعلمون منفتحين على التنوّع ومدركين أن جميع الطلاب يتعلمون من خلال ربط الصفوف المدرسية بالتجارب الحياتية. ومع أن
العديد من فرص تعليم المعلمين والتعلّم المهني مصمّم وفقاً لذلك، فقد تعني وجهات النظر الراسخة حيال بعض الطلاب، بوصفهم
يعانون من القصور أو غير قادرين على التعلمّ أو عاجزين، أن على المعلمين أن يبذلوا قصارى جهدهم لكي يدركوا أن قدرة كل طالب
على التعلّم هي قدرة غير محدودة.
قد ينشأ نقص الاستعداد للتعليم الشامل من ثغرات في المعرفة التربوية. أفاد حوالي 25 % من المعلمين في الاستقصاء الدولي
للتعليم والتعلّم لعام 2018 بوجود حاجة ماسة للتطوير المهني في مجال تعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي 10 من البلدان
الناطقة بالفرنسية في أفريقيا جنوب الصحراء، تلقى 8% من معلمي الصفين 2 و 6 تدريباً أثناء الخدمة في مجال التعليم الشامل.
ويتسم التغلب على الإرث الداعي إلى إعداد أنواع من المعلمين تختلف باختلاف أنواع الطلاب في أوضاع منفصلة بأهمية كبيرة.
ولكي يكون تعليم المعلمين ذا نوعية جيدة، يجب أن يغطي جوانب متعددة من التدريس الشامل لجميع المتعلمين، بدءاً بالأساليب
التعليمية وإدارة الصفوف المدرسية وحتى الأفرقة ذات التخصصات المهنية المتعددة وطرق تقييم التعلم، وأن يشمل دعم أعمال
المتابعة لمساعدة المعلمين على دمج مهارات جديدة في الممارسات المطبقة في الصفوف المدرسية. ففي مقاطعة نيوبرونسويك
الكندية، عملت السياسة التعليمية الاستيعابية الشاملة على إدخال فرص التدريب للمعلمين من أجل دعم الطلاب الذين يعانون من
اضطرابات مرض التوحّد.
يحتاج المعلمون إلى ظروف عمل مؤاتية وإلى الدعم لتكييف التدريس مع احتياجات الطلاب. في كمبوديا، طرح المعلمون تساؤلات
حول جدوى تطبيق علم التربية المتمحور حول الطفل في إطار صفوف مدرسية مكتظة بالطلاب، وموارد تعليمية شحيحة، ومناهج
دراسية مفرطة في الطموح. فالتدريس وفقاً لمتطلبات المحتوى الموحدة المتعلقة بتقييم التعلّم قد يزيد من صعوبة تكييف المعلمين
لممارساتهم. ومن شأن التعاون بين المعلمين في المدارس المختلفة أن يوفر الدعم لهم في مواجهة تحديات التنوّع، وخاصة فيالنظم التي تتحول من عملية الفصل إلى الشمول. وقد ينعدم مثل هذا التعاون في بعض الأحيان حتى بين معلمي المدرسة نفسها.
ففي سري لانكا، يتعاون عدد قليل من المعلمين في الصفوف العادية مع أقرانهم في وحدات ذوي الاحتياجات الخاصة.
تترافق زيادة العاملين في مجال الدعم مع إدماج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. لا يزال هناك نقص في الأحكام على الصعيد
العالمي. فقد أفاد المجيبون على استقصاء لنقابات المعلمين أن العاملين في مجال الدعم غائبون إلى حد كبير أو غير متوفرين
في ما لا يقل عن 15 % من البلدان. وقد يكون وجود مساعدين في التعليم أو التعلمّ داخل الصفوف المدرسية مفيدا بوجه خاص.
ومع أن دورهم يتمثل في استكمال عمل المعلمين، فإنهم يعيّنون في أغلب الأحيان في وظائف تحتاج إلى أكثر بكثير مما هو مطلوب.
فقد تؤدي زيادة التوقعات المهنية، مشفوعةً في كثير من الأحيان بمستويات منخفضة من التطوير المهني، إلى تعلّم أقل جودة،
وتداخلٍ في التفاعل مع الزملاء، وتدنٍ في الوصول إلى التدريس الكفوء، وإلى الوصم. وفي أستراليا، أدى الاعتماد المفرط للنظام
على عاملين غير مؤهلين في مجال الدعم بشكل جزئي إلى عرقلة حصول الطلاب ذوي الإعاقة على معلمين مؤهلين.
يتخلف تنوّع المعلمين غالباً عن التنوّع السكاني. ينجم ذلك في بعض الأحيان عن مشاكل هيكلية تمنع أفراد الفئات المهمشة من
اكتساب المؤهلات، ومن التعليم في المدارس بمجرد تأهيلهم، ومن البقاء في المهنة. وعلى النظم أن تعترف بأن هؤلاء المعلمين
قادرين على تعزيز الشمول من خلال طرح رؤى فريدة من نوعها وتشكيل قدوة لجميع الطلاب. ففي الهند، شهدت نسبة المعلمين من
الطوائف المصنفة، التي تشكل 16 % من سكان البلاد، ارتفاعا من 9% إلى 13 % بين عامي 2005 و 2013 .
المدارس
يحتاج التعليم الشامل إلى مدارس شاملة. تمّ الربط بين الأخلاقيات المدرسية – أي القيم والمعتقدات المعلنة والضمنية، وكذلك
العلاقات بين الأشخاص، التي تحدّد الجو السائد في مدرسة معينة – والتطور الاجتماعي والعاطفي للطلاب ورفاههم. وانخفضت
نسبة الطلاب في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الذين كانوا يشعرون «بالانتماء » إلى المدرسة من 82 % في
عام 2003 إلى 73 % في عام 2015 بسبب زيادة نسب الطلاب المنحدرين من أسر مهاجرة وتدني مستويات الشعور بالانتماء بين
المواطنين الأصليين.
بإمكان مديري المدارس تعزيز رؤية مشتركة للشمول. يستطيع مدراء المدارس أن يوجهوا الأسلوب التربوي الشامل وأن يضعوا
خططاً لأنشطة التطوير المهني. فقد بيّنت دراسة لمعلمي الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية، شملت عدة بلدان،
أن الأشخاص الذين تلقوا المزيد من التوجيه التربوي أفادوا عن انخفاض في احتياجات المعلمين في مجال التطوير المهني. وعلى
الرغم من التعقيد المتزايد لمهام مديري المدارس، فإن ما يقرب من خمسهم )ارتفع إلى النصف في كرواتيا( لم يتلقوا أي تدريب
في مجال التوجيه التربوي. وأفاد 15 % من مديري المدارس )ارتفعت النسبة إلى أكثر من 60 % في فيتنام( في 47 نظاماً تعليمياً عن
وجود حاجة ماسة إلى التطوير المهني في سبيل تعزيز الإنصاف وإثراء التنوّع.
التسلط والعنف في المدارس يؤديان إلى الإقصاء. يتعرّض ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 15 عاماً للتسلط في
المدرسة. والأطفال الأكثر عرضة للإيذاء هم الذين يُنظر إليهم على أنهم مختلفون عن المعايير والمثل الاجتماعية، بما في ذلك
الأقليات الجنسية والعرقية والدينية والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة. ففي نيوزيلندا، زاد احتمال تعرّض الطلاب المثليات
والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً أو ثنائيي الجنس للتسلّط ثلاثة أضعاف. وفي أوغندا، تعرض 84 % من
الأطفال ذوي الإعاقة للعنف من جانب زملائهم أو الموظفين مقابل 53 % من الأطفال الذين لا يعانون من إعاقة. لذلك ينبغي أن
تسهم ممارسات إدارة الصفوف الدراسية وخدمات التوجيه والسياسات في تحديد مسؤوليات الموظفين والإجراءات الواجب اتخاذها
لمنع التسلط والعنف والتصدي لهما. ويبنبغي ألا تحل الأساليب العقابية محل دعم الطلاب وغرس أجواء بينهم تتسم بالاحترام.
يجب أن تكون المدارس آمنة ويسهل الوصول إليها. تسهم وسائل النقل إلى المدرسة وتصميم المباني والمرافق الصحية في الغالب
في انتهاك مبادئ إمكانية الوصول والقبول والتكيّف. فأكثر من ربع الفتيات في 11 بلداً من بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لم
يبلغّن على الإطلاق أو فيما ندر عن شعورهن بالأمان وهن في الطريق إلى المدرسة أو العودة منها. ولا توجد في بوروندي والنيجر
وساموا مدارس “أجرت تعديلات في بناها التحتية والمواد لتناسب احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة”. وفي سلوفاكيا، استوفت نسبة
%15 من المدارس الابتدائية و 21 % من المدارس الثانوية هذه المعايير. ولا تزال الأدلة الموثوقة القابلة للمقارنة بعيدة المنال بسبب
اختلاف معايير البلدان وعدم وفاء المدارس بجميع عناصر معيار معين؛ بالإضافة إلى ذلك، تتسم قدرة الرصد بالضعف ولا يجري
التحقق من البيانات بشكل مستقل.
غالباً ما لا توفر البنية التحتية التي يمكن الوصول إليها الدعم للجميع. دعت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى وضع
تصميم عالمي لزيادة الأداء الوظيفي وتلبية احتياجات الجميع، بغض النظر عن العمر أو الحجم أو القدرة. ويسهم دمج المرافق التي
توفر الوصول الكامل في البنية التحتية منذ البداية إلى زيادة التكلفة بنسبة 1% مقارنة بنسبة 5 % أو أكثر بعد إنجازها. وقد ساهمت
برامج المساعدات في نشر مبادئ التصميم العالمي. واشتملت المدارس الإندونيسية التي بنيت بدعم من أستراليا على مراحيض
يمكن الوصول إليها ودرابزينات للاتّكاء وممرات منحدرة؛ وتبنّت الحكومة تدابير مماثلة لجميع المدارس الجديدة.
قد تؤدي التكنولوجيا المساعدة إلى تعزيز المشاركة أو التهميش. تشير الأجهزة المساعدة إلى تكنولوجيا الدخل )لوحات المفاتيح
المكيَّفة، ومفاتيح التحكم في إدخال البيانات، والدخل الصوتي، وبرمجيات الإملاء( وتكنولوجيا الخرج )قارئات الشاشة ومكبرات
الصوت، والطابعات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة تسجيل الملاحظات بطريقة برايل(. وتحل نظم الاتصالات البديلة والمعززة محل الكلام.
وتعمل نظم الاستماع المساعدِة على تحسين وضوح الصوت وتقليل حدة ضوضاء الخلفية. وتؤدي هذه التكنولوجيا إلى تحسين
معدلات التخرج والشعور باحترام الذات والتفاؤل، ولكنها لا تتوفر في أغلب الأحيان بسبب نقص الموارد أو لا تسُتخدم بفعالية بسبب
النقص في تعليم المعلمين.
الطلاب وأولياء الأمور والمجتمعات المحلية
مراعاة تجارب الطلاب المهمشين. من الصعب توثيق آراء الطلاب المحرومين دون استهداف أي واحد منهم بعينه. فقد تبيّن أن
تفضيلاتهم في مجال الإدماج تعتمد على أمكانية تعرّضهم له، ونوع المدرسة التي يلتحقون بها، وتجربتهم في نوع مختلف من
المدارس، ومستوى الدعم المتخصص الذي يحظون به ومدى تمييزهم له. وقد يفضّل الطلاب الضعفاء في المدارس العادية بيئات
منفصلة من أجل زيادة الاهتمام أو خفض الضوضاء. ويمكن أن تؤدي المزاوجة بين الطلاب وزملائهم من ذوي الإعاقة إلى زيادة
القبول والتعاطف، على الرغم من أن ذلك لا يضمن إدماجهم خارج المدرسة.
تميل غالبية السكان إلى تكريس صورة نمطية عن الأقليات والطلاب المهمشين. يؤدي اتخاذ المواقف السلبية إلى التقليل من
روح التقبل، وإلى العزلة والتعرض للتسلّط. فقد شعر اللاجئون السوريون في تركيا أن الصور النمطية السلبية أفضت إلى الشعور
بالاكتئاب والوصم والابتعاد عن المدرسة. ويمكن للمواقف النمطية أن تخفّض سقف توقعات الطلاب ومدى احترامهم للذات.
وفي سويسرا، ترسّخ لدى الفتيات شعورٌ داخلي بأنهن أقل تأهيلاً من الفتيان لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات،
الأمر الذي لم يشجعهن على السعي للحصول على شهادات جامعية في هذه المجالات. ففي وسع المعلمين مكافحة التمييز في
مجال التعليم، ولكن بإمكانهم أيضا إدامته. وكان معلمو الرياضيات في ساو باولو بالبرازيل على الأرجح يحرصون على إنجاح الطلاب
البيض أكثر من زملائهم السود الذين ليسوا أقل كفاءة منهم ويتصرفون بشكل جيد. وكان لدى المعلمين في الصين تصورات عن
الطلاب المهاجرين في المناطق الريفية أقل مؤاتاة مقارنة بالتصورات تجاه نظرائهم في المناطق الحضرية.
يحفز أولياء الأمور التعليم الشامل ولكنهم يعارضونه أيضاً. قد يكون لدى أولياء الأمور معتقدات تمييزية حيال الجنس أو العجز
أو الانتماء العرقي أو العرق أو الدين. ويخشى حوالي 15 % منهم في ألمانيا و 59 % في هونغ كونغ بالصين أن يحُدث الأطفال ذوي
الإعاقة بلبلة في تعلمّ الآخرين. ونظرا إلى أن أولياء الطلاب يملكون حرية الاختيار، فهم يرغبون في إرسال أطفالهم الضعفاء إلى
المدارس التي تضمن رفاههم. وهم بحاجة إلى أن يضعوا ثقتهم في قدرة المدارس العادية على تلبية احتياجاتهم. وبما أن المدارس
تصبح أكثر تطلباً مع التقدم في العمر، فقد يضطر أولياء أمور الأطفال الذين يعانون من اضطرابات مرض التوحد إلى البحث عن
مدارس تلبي احتياجاتهم بشكل أفضل. ففي ولاية كوينزلاند في أستراليا، بلغت نسبة الطلاب الذين تركوا المدارس العادية وانتقلوا
إلى مدارس خاصة 37 %.
يؤثر اختيار أولياء الأمور للمدرسة على الشمول والفصل في التعليم. قد تتجنب الأسر التي تتاح لها فرصة الاختيار المدارس
المحلية الخاصة بالفئات المحرومة. ففي المدن الدنماركية، ارتبطت زيادة قدرها 7 في المائة في نسبة الطلاب المهاجرين بزيادة
قدرها 1 في المائة في نسبة المواطنين الملتحقين بالمدارس الخاصة. وفي لبنان، يبدي معظم أولياء الأمور تفضيلاً للمدارس
الخاصة استنادا إلى أسس طائفية. وفي ماليزيا، ساهمات التيارات السائدة في المدارس الخاصة المنظمة بحسب الانتماء العرقي
والمتباينة بحسب الجودة في نشوء تقسيم طبقي، على الرغم من التدابير الحكومية الرامية إلى إنهاء فصل المدارس. وعلى الرغم
من أن إمكانية التعليم العادي عن بعد وعبر شبكة الإنترنت في سبيل تحقيق التعليم الشامل، فإن تفضيل أولياء الأمور للفصل الذاتي
من خلال التعليم في المنزل، سيسهم في اختبار إمكانيات التعليم الشامل.
كثيراً ما يجد أولياء أمور الأطفال ذوو الإعاقة أنفسهم في حالة مؤسفة. يحتاج أولياء الأمور إلى الدعم فيما يتعلق بالتحديد المبكّر
لنوم أطفالهم وتصرفاتهم وحضانتهم وراحتهم ورعايتهم وتدبير شؤونها. ومن شأن برامج التدخل المبكّر أن تساعدهم على اكتساب
الثقة واستخدام خدمات الدعم الأخرى وتسجيل الأطفال في المدارس العادية. وبإمكان برامج الدعم المتبادل أن توفر التضامن
والثقة والمعلومات. وهناك احتمال كبير في أن يكون أولياء الأمور ذوو الإعاقة فقراء، وأقل تعليما،ً ويواجهون حواجز تحول دون
ذهابهم إلى المدرسة أو العمل مع المعلمين. ففي فيتنام، كان معدل مواظبة الأطفال الذين يعاني أولياء أمورهم من الإعاقة في
المدارس أقل بنسبة 16 %.
ما زال المجتمع المدني يدافع عن الحق في التعليم الشامل ويرصده. تقوم منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، ومنظمات المعوّقين،
والرابطات الشعبية لأولياء الأمور، والمنظمات غير الحكومية الدولية الناشطة في مجال التنمية والتعليم، برصد التقدم المحرز في
الوفاء بالالتزامات الحكومية، وتنظيم الحملات الرامية إلى إعمال الحقوق وردع انتهاكات الحق في التعليم الشامل. وفي أرمينيا، أدت
حملة لمنظمة غير حكومية إلى وضع إطار قانوني ومتعلق بالميزانية لنشر التعليم الشامل على المستوى الوطني بحلول عام 2025 .
تقدّم فئات المجتمع المدني خدمات تعليمية بموجب عقد حكومي أو بمبادرة منها. قد تدعم هذه الخدمات الفئات التي لا تصل
إليها الحكومات )مثل أطفال الشوارع( أو تشكل بديلاً للخدمات الحكومية. وتدعو سياسة التعليم الشامل في غانا المنظمات غير
الحكومية إلى تعبئة الموارد والدعوة إلى زيادة التمويل والمساهمة في تطوير البنى التحتية والمشاركة في عمليات الرصد والتقييم.
وتدعم الحكومة الأفغانية التعليم القائم على المجتمعات المحلية الذي يعتمد على السكان المحليين. ومع ذلك، فإن مدارس
المنظمات غير الحكومية التي أنشئت لفئات معينة قد تعزز الفصل في مجال التعليم بدلاً من الشمول. وينبغي أن تتماشى مع
السياسات وألا تكرر الخدمات أو تتنافس على أموال محدودة.